غباء حمار (؟!)
يحكى فيما مضى من سالف العصر و الزمان و غابر الدهر و الأوان أن حمارا ضاق بهيئته ذرعا فأراد أن يغيرها إلى أخرى تكون أليق بحماريته و لم لا يكون حصانا مثلا ؟ لكنه احتار في كيفية تحقيق حلمه ذلك ففكر، رغم حماريته الغريزية، و قدر و عبر ثم نظر و بصر فلم ير إلا حمارا بجواره يرتع في المرج و يمرع فرحا مبتهجا، ماذا يفعل حمار حر طليق في البراري غير المرح و السرح ؟ فقصده حمارنا المهموم و قص عليه مشكلته و طلب منه النصح.
احتار الثاني فلم يدر بماذا يجيب إذ راودته هو كذلك الفكرة نفسها لكنه كأخيه لم يعرف كيف يحققها، فهما في الحمارية سواء و على بعضهما بلاء، و حتى لا يبدو الثاني أكثر جهلا من الأول قال له :
- " اذهب إلى ذلك الحصان فيحكى أنه كان حمارا مثلك (لاحظ أيها القارئ النبيه استعمال ضمير المخاطب دون ضمير المتكلم) فتغير إلى ما تراه !
فرح حمارنا الطموح بالنصيحة، فمن يدري قد يتحقق له حلمه على يد الحصان أو رجله، و ذهب يجري ملوحا بذيله طربا قاصدا ما يظن أنه حمارا مثله ،و الذي كان يقضم العشب الندي بوقار، طالبا منه النصح ليصير مثله (لاحظ أخي القارئ الفرق البين بين مثله الأولى و مثله الثانية) فمن فرط حماريته لم يعرف كيف يصوغ سؤاله فقال و بلا تحية و لا مقدمة :
- " أريد منك النصح يا أخي، قيل لي أنك كنت حمارا مثلي فكيف أصير حصانا مثلك ؟
تعجب الحصان من جرأة الحمار و وقاحته و رأى في سؤاله سبا له لأنه لا سبة أقذع للحصان من وصفه بالحمار و لا أوجع شتيمة للحمار من وصفه بأنه ليس حصانا.
لم يتردد الحصان الغاضب و عالج الحمار الغبي برفسة قوية صائبة :"طب !" أردته قتيلا فلا هو صار حصانا و لا هو حافظ على حماريته